جريدة الوطن
الاثنين ١٥ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ
«الشورى»:
فرض سقف صارم لتصاريح العمل يُكبّل السوق ولا يحقق هدفه
رفض مجلس الشورى مشروع قانون بتعديل المادة 4 من
القانون رقم 19 لسنة 2006 بشأن تنظيم سوق العمل، المعد بناءً على الاقتراح بقانون
المقدّم من مجلس النواب الموقر، والذي أوصت به لجنة الخدمات بعدم الموافقة من حيث
المبدأ على مشروع القانون.
وأشار مقرر اللجنة طلال المناعي، إلى أن مشروع القانون يُقوّض مبدأ المرونة
التشريعية، ويُعرقل الاستجابة السريعة للمتغيرات الاقتصادية، حيث إن النص المقترح
بفرض سقف عددي صارم يُكبّل الصلاحيات، ويُثقل الإجراءات دون أن يُحقق مقصده، في حين
أن الإبقاء على صيغة الجواز أجدى وأنفع، لأنه صمام أمانٍ يحفظ للقانون مرونته،
ويصون للسوق قدرته على التكيف مع المتغيرات في أوقات الحاجة والاضطرار.
وأوضح المناعي أن النص المقترح في مشروع القانون لا يضمن بالضرورة أن يحقق الغرض
المعلن عنه، والمتمثل في تقليص أعداد تصاريح العمل، ذلك أن الجهات الحكومية، إذا
اضطرت إلى الالتزام بسقفٍ عدديٍ محددٍ لكل خطة وطنية، ستجد في الاحتياط ملاذًا، وفي
التوسع متكـأً يدفعها لرفع هذا السقف احتياطـًا لأي طارئ خلال سنوات الخطة الأربع،
فيتحول النص إلى التزامٍ شكليٍ بلا أثرٍ فعلي، ما دام الحد الأقصى وضعاً ليستوعب
جميع الاحتمالات المتوقعة وغير المتوقعة.
وأشار المناعي إلى أن نجاح الإحلال يتطلب سياسات متكاملة تشمل التدريب النوعي
والتأهيل المستمر، ودعم الأجور وتوفير الحوافز، وهو ما تسعى إليه الجهات الحكومية
عبر برامج ومبادرات تسهم في زيادة نسب البحرنة على أسس راسخة ومنهجية متوازنة،
مبينةً أن فرض إلزام قاطع بوضع حد أقصى صارم لتلك التصاريح، فإن أثره لا يقف عند
تضييق نطاق استقدام العمالة الأجنبية فحسب، بل يمتد إلى المساس بحقٍ مشروعٍ كفله
القانون لأصحاب الأعمال البحرينيين في طلب التصريح الذي يعزز إنتاجه، ويُتيح له
توسيع أعماله وتنمية موارده بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني، ويحقق أهداف التنمية
المستدامة.
بدورها، بيّنت عضو الشورى دلال الزايد أن تقرير لجنة الخدمات تضمّن ثلاثة آراء
للجهات المعنية بمشروع القانون، حيث جاء رأي غرفة تجارة وصناعة البحرين رافضاً
للمشروع قياساً على تأثيراته السلبية على سوق العمل، كما رفضت جمعية مكاتب
الاستقدام المشروع للأسباب ذاتها، في حين أبدى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين
موافقته عليه، مشيرةً إلى أن هذه الآراء تؤكد وجود تشاور مع الجهات المعنية
والجمهور، وأن التوجه نحو الرفض جاء استناداً إلى ما ورد من مبررات وملاحظات من تلك
الجهات.
وأضافت أن الإطلاق في تصاريح العمل لكافة القطاعات يُعد أمراً غير دقيق، موضحةً أن
بعض القطاعات يمكن تحديد تصاريح العمل فيها لوجود كفاءات وطنية قادرة على سد
الاحتياج، في حين أن قطاعات أخرى تعاني ندرة في التخصصات، أو تضم وظائف تشغيلية لا
يقبل عليها المواطنون، ما يجعل تحديد عدد التصاريح فيها أمراً غير عملي، محذرةً من
أن فرض قيود قد يدفع البعض إلى اللجوء إلى أساليب غير قانونية لاستقطاب العمالة،
فضلًا عن احتمال عزوف بعض الشركات عن الاستمرار في العمل بالمملكة نتيجة التضييق
على تيسير أنشطتها التجارية.
وأوضحت الزايد أن تطبيق التعديل المنظور على أرض الواقع يواجه تحديات، في ظل ارتباط
اقتصاد البحرين بالاقتصاد الدولي واختلاف توجهات العمل وحاجات السوق، مؤكدةً صعوبة
الوصول إلى عدد محدد من العمالة الأجنبية في كل مهنة وإلزام هيئة تنظيم سوق العمل
بذلك، لا سيما مع سعي المملكة إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية والصناعات الحديثة،
ما يتطلب مرونة في منح تصاريح العمل، مشيرةً إلى أن الحكومة الموقرة، من خلال الخطط
الوطنية المرتبطة بتمكين العمالة البحرينية وإحلالها، هي الأقدر على تقدير الأعداد
المطلوبة من التصاريح.
من جهته، أكد عضو الشورى د. أحمد العريض أن التعديل محل النظر لا يمكن تطبيقه على
القطاع الطبي، خصوصاً في حالات الحاجة إلى استشاريين لتدريب الأطباء البحرينيين،
موضحًا أن ابتعاث المرضى للعلاج خارج المملكة يكلّف الدولة مبالغ وميزانيات كبيرة،
في حين أن استقدام استشاريين من الخارج يساهم في تقليل التكاليف ورفع كفاءة الخدمات
الصحية. وبيّن أن العلاج في الخارج يستهلك ما يقارب عُشر ميزانية وزارة الصحة،
بينما يُعد التعاقد مع أطباء خارجيين محترفين أقل تكلفة وأكثر جدوى، فضلًا عن دوره
في رفع مستوى الخدمات الصحية بالمملكة وتمكين الأطباء البحرينيين من الاستفادة من
خبراتهم عبر التدريب المباشر.
من جانبه، أكد الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل نبراس طالب، أن الفلسفة التي
تقوم عليها الهيئة تعتمد على تنظيم سوق العمل وفق الاحتياج الفعلي، موضحًا أنه حتى
في حال تحديد عدد معين، فإن الهيئة تمنح كل سجل تجاري سقفاً محدداً من التراخيص، مع
مراعاة الحاجة الفعلية للحصول على تصاريح العمل، بما يحقق التوازن بين متطلبات
السوق واستدامة الاقتصاد الوطن.

الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002
القانون وفقًا لآخر تعديل - قانون رقم (19) لسنة
2006 بشأن تنظيم سوق العمل